يَشُدَّ وَثَاقَهُ (?) إِنْ خَافَ انْفِلاَتَهُ، أَوْ لَمْ يَأْمَنْ شَرَّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَصْبُ عَيْنَيْهِ أَثْنَاءَ نَقْلِهِ لِمَنْعِهِ مِنَ الْهَرَبِ.

فَمِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ أَنْ يَمْنَعَ الأَْسِيرَ مِنَ الْهَرَبِ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ فُرْصَةً لِمَنْعِهِ إِلاَّ قَتْلَهُ فَلاَ بَأْسَ، وَقَدْ فَعَل هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. (?)

وفي مطالب أولي النهى:" (وَإِلَّا) يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لَا بِضَرْبٍ وَلَا بِغَيْرِهِ، أَوْ كَانَ مَرِيضًا، أَوْ جَرِيحًا لَا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ مَعَهُ، أَوْ خَافَ هَرَبَهُ، (فَلَا) يَحْرُمُ قَتْلُهُ، لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ حَيًّا ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتَقْوِيَةً لِلْكُفَّارِ، وَأَسِيرُ غَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ كَأَسِيرِ نَفْسِهِ، فَإِنْ قَتَلَ أَسِيرَهُ أَوْ أَسِيرَ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ فِي حَالَةٍ يَجُوزُ فِيهَا قَتْلُهُ، فَقَدْ أَسَاءَ لِافْتِئَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ، (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ)،أَيْ: الْقَاتِلِ نَصًّا، لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَسَرَ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَابْنَهُ عَلِيًّا يَوْمَ بَدْرٍ، فَرَآهُمَا بِلَالٌ، فَاسْتَصْرَخَ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِمَا حَتَّى قَتَلُوهُمَا، وَلَمْ يَغْرَمُوا شَيْئًا، لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ " (?)

فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا، بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ» قَالَ: لاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ: عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ، فَأَبْصَرَهُ بِلاَلٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ: لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ، فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا، خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا، قُلْتُ لَهُ: «ابْرُكْ» فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ» (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015