وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ كُل مَنْ لاَ يَقْتُل يَجُوزُ أَسْرُهُ، إِلاَّ الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا رَأْيٌ فَإِنَّهُمَا لاَ يُؤْسَرَانِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنَ الْمَعْتُوهِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالزَّمِنِ وَالأَْعْمَى فَإِنَّهُمْ وَإِنْ حَرُمَ قَتْلُهُمْ يَجُزْ أَسْرُهُمْ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُمْ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ وَمِنْ غَيْرِ أَسْرٍ. (?)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَسْرُ الْجَمِيعِ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ. (?)
وَلاَ يَجُوزُ أَسْرُ أَحَدٍ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهَا عَهْدُ مُوَادَعَةٍ، لأَِنَّ عَقْدَ الْمُوَادَعَةِ أَفَادَ الأَْمَانَ، وَبِالأَْمَانِ لاَ تَصِيرُ الدَّارُ مُسْتَبَاحَةً، وَحَتَّى لَوْ خَرَجَ قَوْمٌ مِنَ الْمُوَادِعِينَ إِلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُوَادَعَةٌ، فَغَزَا الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْبَلْدَةَ، فَهَؤُلاَءِ آمِنُونَ، لاَ سَبِيل لأَِحَدٍ عَلَيْهِمْ، لأَِنَّ عَقْدَ الْمُوَادَعَةِ أَفَادَ الأَْمَانَ لَهُمْ، فَلاَ يُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ. وَكَذَا لَوْ دَخَل فِي دَارِ الْمُوَادَعَةِ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ دَارِهِمْ بِأَمَانٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ بِغَيْرِ أَمَانٍ، فَهُوَ آمِنٌ لاَ يَجُوزُ أَسْرُهُ، لأَِنَّهُ لَمَّا دَخَل دَارَ الْمُوَادَعِينَ بِأَمَانِهِمْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وُجِدَ الْحَرْبِيُّ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ بِأَمَانٍ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَسْرُهُ، وَمَا لَوْ أَخَذَ الْحَرْبِيُّ الأَْمَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ فِي حِصْنِ الْحَرْبِيِّينَ. (?)
الأَْسِيرُ فِي يَدِ آسِرِهِ وَمَدَى سُلْطَانِهِ عَلَيْهِ:
الأَْسِيرُ فِي ذِمَّةِ آسِرِهِ لاَ يَدَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلاَ حَقَّ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ، إِذْ الْحَقُّ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ مَوْكُولٌ لِلإِْمَامِ (?)،وَعَلَيْهِ بَعْدَ الأَْسْرِ أَنْ يَقُودَهُ إِلَى الأَْمِيرِ لِيَقْضِيَ فِيهِ بِمَا يَرَى، وَلِلآْسِرِ أَنْ