الِاسْتِبْقَاءُ. فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا حُكْمًا ثَابِتًا إذَا وُجِدَ مِثْلُ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَحَدَ شَيْئَيْنِ مِنْ مَنٍّ أَوْ فداء، وذلك ينفي جواز القتل." (?)
وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْسْرَى مِنْ نِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ كَالْخُنْثَى وَالْمَجْنُونِ، وَكَذَا الْعَبِيدُ الْمَمْلُوكُونَ لَهُمْ يُسْتَرَقُّونَ بِنَفْسِ الأَْسْرِ، وَيَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ قَبْل الاِسْتِيلاَءِ وَالأَْسْرِ لاَ يُسْتَرَقُّ، وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَدِّينَ، فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ الاِسْتِتَابَةُ وَالْعَوْدَةُ إِلَى الإِْسْلاَمِ، وَإِلاَّ فَالسَّيْفُ. (?)
أَمَّا الرِّجَال الأَْحْرَارُ الْمُقَاتِلُونَ مِنْهُمْ.،فَقَدِ اتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الأَْعَاجِمِ، وَثَنِيِّينَ كَانُوا أَوْ أَهْل كِتَابٍ. وَاتَّجَهَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَهُمْ. وَالْحَنَفِيَّةُ لاَ يُجِيزُونَ اسْتِرْقَاقَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ. (?)
قال الشوكاني:" وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا حَكَاهُ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي.
وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة:5] الْآيَةَ. قَالَ: وَالْمُرَادُ مُشْرِكُو الْعَرَبِ إجْمَاعًا إذْ كَانَ الْعَهْدُ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ دُونَ الْعَجَمِ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْبَحْرِ: فَأَمَّا الِاسْتِرْقَاقُ، فَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا أَوْ كِتَابِيًّا جَازَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4] خَيَّرَ اللَّهُ