وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَسَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الْأَصْنَافِ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ التَّفْضِيلُ، مَعَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ. وَمِنْهَا: إذَا أَرَادَ إسْقَاطَ بَعْضِ الْجُنْدِ مِنْ الدِّيوَان بِسَبَبٍ: جَازَ، وَبِغَيْرِ سَبَبٍ لَا يَجُوزُ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ.

وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يُنَصِّبَ إمَامًا لِلصَّلَاةِ فَاسِقًا، وَإِنْ صَحَّحْنَا الصَّلَاةَ خَلْفَهُ ; لِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ. وَوَلِيُّ الْأَمْرِ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَا مَصْلَحَةَ فِي حَمْلِ النَّاس عَلَى فِعْل الْمَكْرُوهِ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ إذَا تُخَيِّرَ فِي الْأَسْرَى بَيْن الْقَتْل، وَالرِّقِّ، وَالْمَنّ وَالْفِدَاءِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِالتَّشَهِّي بَلْ بِالْمَصْلَحَةِ. حَتَّى إذَا لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ يَحْبِسُهُمْ إلَى أَنْ يَظْهَرَ." (?)

وقال الكاساني في بدائع الصنائع:

" وَأَمَّا الرِّقَابُ فَالْإِمَامُ فِيهَا بَيْنَ خِيَارَاتٍ، ثَلَاثٍ، إنْ شَاءَ قَتَلَ الْأَسَارَى مِنْهُمْ، وَهُمْ الرِّجَالُ الْمُقَاتِلَةُ، وَسَبَى النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ؛ لِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} [الأنفال:12] وَهَذَا بَعْدَ الْأَخْذِ وَالْأَسْرِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ فَوْقَ الْأَعْنَاقِ هُوَ الْإِبَانَةُ مِنْ الْمِفْصَلِ، وَلَا يُقْدَرُ عَلَى ذَلِكَ حَالَ الْقِتَالِ، وَيُقْدَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَخْذِ وَالْأَسْرِ وَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا اسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ الْكِرَامَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي أَسَارَى بَدْرٍ، فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى الْفِدَاءِ، وَأَشَارَ سَيِّدُنَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الْقَتْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:لَوْ جَاءَتْ مِنْ السَّمَاءِ نَارٌ مَا نَجَا إلَّا عُمَرُ».

أَشَارَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى أَنَّ الصَّوَابَ كَانَ هُوَ الْقَتْلَ وَكَذَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِقَتْلِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَبِقَتْلِ هِلَالِ بْنِ خَطَلٍ وَمَقِيسِ بْنِ صَبَابَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الْقَتْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِئْصَالِهِمْ، فَكَانَ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّ الْكُلَّ فَخَمَسَهُمْ وَقَسَمَهُمْ، لِأَنَّ الْكُلَّ غَنِيمَةٌ حَقِيقَةً لِحُصُولِهَا فِي أَيْدِيهِمْ عَنْوَةً وَقَهْرًا بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ الْكُلَّ إلَّا رِجَالَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُسْتَرَقُّونَ عِنْدَنَا، بَلْ يُقْتَلُونَ أَوْ يُسْلِمُونَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015