هل ستكون حسناتنا أرجح من سيئاتنا؟ وبدل أن يقول: أنتم لا تحبون الله ورسوله، أو يقول: يَجِبُ أنْ تُحِبّوا الله ورسوله، يقول: ألَا تُحِبّون الله ورسوله؟ أو هل يفعل هذه المخالفة من يحب الله ورسوله؟ أو يقول: لعلنا نتوب إلى الله، أو أرأيتم لو تبنا إلى الله؟ وهكذا.
وتأمل أيها الداعية -رحمك الله- قول الخليل إبراهيم -عليه السلام- لأبيه الكافر بعد أن استنفذ كافة أساليب الخطاب الدعوي، من استفهامات وترجي وإثارة للعاطفة والعقل، قال مرهبًا بأسلوب مفعوم بالشفقة والخوف على أبيه: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} (مريم: 45)، فانظر إلى كلمة: {أَخَافُ} وكلمة: {يَمَسَّكَ} اللتين تقطران شفافيةً وتخوفًا. ومثله قول أخيه هود -عليه الصلاة والسلام- لقومه الذين أذاقوه ما أذاقوه من صنوف الأذى: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (الشعراء: 135).
والمقصود أن يضع الداعية أداة الاستفهام قبل خطابه، وكلمات الرجاء والترجي في كلامه، وما شابه ذلك حتى يُحَلّي أسلوبه؛ فلا يكون مرًّا، ويرطب خطابه حتى لا يكون جافًّا.
والمُتأمل لأسلوب القرآن الكريم يجده مشحونًا بهذا الأسلوب الهادف، والتعبير الممتع، حتى مع الكافرين ومع أشد الناس عداوةً لله ولرسوله وللمؤمنين، اقرأ إن شئت قوله سبحانه: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (القلم: 35 - 3 6)، استفهامان مُتتاليان: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} يَهُزّان الضمير، ويُحَرّضان العقل، ويُقرران الحقّ بأسلوب مقبول، وتعبير مثير، يدفع العاقل للإقرار والتسليم.
وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الطور: 43)، وقال سبحانه: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} (مريم: 67)،