عامة وقريش خاصة قائلًا: ((إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس ما كذبتكم، ولو غررت الناس ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس كافة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتجزون بالإحسان إحسانًا، وبالشر شرًّا، وإنها لجنة أبدًا، أو لنار أبدًا، وإنكم لأول مَن أنذِر بين يدي عذاب شديد)).

بمجرد أن نادَى النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك النداء صارت الجزيرة العربية كلها تتحدث في شأنه، وتتجادل في أمره بين حائر مضطرب، بين قديم قد ألفه، وجديد قد عرفه، ومنكر صلاح؛ لأنه رأى في الجديد ما يناقض غاياته ومآربه، وميال إلى ما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنه رأى فيه وضح الحق المبين، بل إن الجدل في شأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تجاوز في عصره ربوع البلاد العربية إلى الروم والفرس والحبشة، كما رأيت من كلام جعفر بن أبي طالب السابق للنجاشي.

ولأجل أن نحصر الجدل في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- نقول: إن الجدل في عصره -صلى الله عليه وسلم- كان من نواح ثلاث:

الأولى: جدل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع المشركين.

والثانية: جدله -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود والنصارى.

والثالثة: جدل العرب والروم والحبشة مع بعض القرشيين.

أما جدل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع المشركين فقد قال ابن جرير الطبري في تاريخه: صدع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأمر الله ونادى قومه بالإسلام، فلما فعل ذلك لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه بعض الرد فيما بلغني، حتى ذكر آلهتهم وعابها، فلما فعل ذلك ناكروه وأجمعوا على خلافه وعداوته إلا من عصم الله منهم بالإسلام، وهم قليل مستخفون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015