ننتقل إلى الحديث عن المناظرة والمجادلة والمناقشة وآدابها في الإسلام.
جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بدين يخالف كل الأديان، التي كانت في البلاد العربية، في عقائده وعباداته وشرائعه الاجتماعية وآدابه الخلقية، من بعد أن كان يسود البلاد العربية عبادة الأوثان، جاءهم محمد -صلى الله عليه وسلم- بعبادة إله واحد، هو الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، ولكل إنسان أن يدعو الله فيجيبه من غير وساطة كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر: 60) وأن يفهم الدين كتابًا وسنةً من غير توسيط أحد، فليس لأحد كائنًا مَن كان سلطة على الناس في عقائدهم، وبذلك خالف دين محمد -صلى الله عليه وسلم- اليهود والنصارى، الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله.
وقد آمَن النبي -صلى الله عليه وسلم- وتَابعوه كما أمرهم بذلك الدين الحنيف، آمنوا بالأنبياء السابقين فخالفوا بذلك اليهود والنصارى أيضًا، الذين يريدون أن لا يعترفوا بغير اليهودية أو النصرانية، قال الله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا} يعني: أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمشركين {بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (البقرة: 135 - 137).
دعا ذلك الدين الجديد إلى الإيمان بحياة أخرى، فيها يجزى الإنسان بالخير خيرًا وبالشر شرًّا: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7، 8)، وبذلك خالف ما كان عليه بعض