جميع تصرفاته وأعماله، وأنه خلق في الحياة من أجل غاية العبودية لله، والانقياد له والاستعانة به والإنابة إليه والتسليم بجنابه، وأنه مكلف في هذه الدنيا من أجل أن يبلغ رسالة، ويؤدي أمانة، ويجاهد في الله حق جهاده، وأن الله خلق الموت والحياة ليبلوا عباده أيهم أحسن عملًا، وأنه سبحانه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا وابتغي به وجهه، وأنه -جل جلاله- يدخل النار من طغى ويدخل الجنة مَن اهتدَى.

إن الداعية حين يشعر السامع -من خلال المحاضرة التي يلقيها- كل هذا، ويربطه بالعقيدة روحًا وفكرًا، ويصله بالإسلام منهاجًا وتشريعًا، ويركز في ذهنه أمجاد الجدود وعظمة التاريخ، فيكون قد أحيا في نفسه مشاعرَ الربانية، وفجر في قلبه ينابيعَ التقوى، وأشبع طموحه بروح البطولة والجهاد.

ولا بد أن يهتف في نهاية المطاف بهذه المعاني ويقول: نحن أمة الإسلام، لم ندخل التاريخ بأبي جهل وأبي لهب وأُبي بن خلف، ولكن دخلناه بالرسول العربي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، ولم نفتح الفتوح بحرب السوس وداحس والغبراء، ولكن فتحناها ببدر والقادسية واليرموك، ولم نحكم الدنيا بالمعلقات السبع، ولكن حكمناها بالقرآن المجيد، ولم نحمل إلى الناس رسالة اللات والعزى، ولكن حملنا إليهم رسالة الإسلام، ولا بد أن يقول للطواغيت في كل مكان: ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإسلام.

فاجتهد أيها المحاضر أن يكون الغرض من محاضراتك كلها إحياء المشاعر الربانية في نفوس سامعيك، وتفجير طاقات الجهاد والعمل في بؤرة شعورهم، عسى أن يتحقق على يديك تكوين المجتمع الفاضل، القائم على الإسلام والمرتكز على التقوى، وما ذلك على الله بعزيز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015