بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الحادي عشر

(المحاضرة والمناظرة، وآدابهما في الإسلام)

كيف يحضر المحاضر محاضرته؟

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فإن نتحدث عن المحاضرة والمناظرة.

محاضرة أستاذ الدعوة غير محاضرة أستاذ الجامعة؛ من حيث إن الداعية لا تعنيه محاضرات الفلك والطب والاقتصاد ونحوها، وأستاذ الدعوة كأستاذ الجامعة لا بد له من الرجوع إلى المصادر العلمية؛ لجمع ما تفرق فيها من مادة موضوعه، لكنهما يفترقان بأن أستاذ الجامعة يهتم بالجزئيات والتفاصيل، أما الداعية فبعد الإحاطة بمادة الموضوع يكتفي بالقواعد والأحكام العامة؛ حرصًا على انتباه سامعيه واستمرار نشاطهم، ومن هنا قد ينتهي أستاذ الدعوة من موضوعه في محاضرة واحدة، وأستاذ الجامعة يحتاج للانتهاء منه إلى عدة محاضرات.

يبتعد محاضر الدعوة عن الصبغة المدنية البحتة، كما يبتعد عن الأسلوب الأكاديمي، فلن يحمد له الناس أنه مدني الأسلوب، بل إنه يفجؤهم بغير ما يتوقعون وبغير ما يريدون، إلى أن ذلك يعتبر إخفاقًا له في مهمته، إذ هو داعية إلى الله عن طريق العلم، فإذا خلا أسلوبه من لون الدعوة فقد خرج من زمرة الدعاة، دون أن يلحقه ذلك بزمرة الجامعيين أو سواهم.

فعلى أستاذ الدعوة أن يذكر دائمًا أنه يأمر بمعروف وينهى عن منكر، ومَن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فقد قام بما أوجب الله -تبارك وتعالى- عليه ورسوله -صلى الله عليه وسلم.

والأمر بالمعروف هو في الحقيقة تعريف بالإسلام في شتى موضوعاته، والنهي عن المنكر هو نقد لبِق لسير المجتمع وعيوبه، وذلك كفيل بتحقيق الصبغة الربانية لمحاضرة الداعية ما دام يلتزم استمداد الكتاب والسنة، مشيرًا إلى وفائهما وغزارة وعمق حكمة الله فيهما، إلى أن ذلك يكفل له دوام انتباه السامع؛ لأنه سيكون معه دائم التنقل بين مثالية العلم ولمحات النقد لسير المجتمع، أو لخطئه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015