الترمذي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)).
فعلى الداعية إذًا حين يجلس في الناس ويتحدث إليهم، ويقوم على إصلاح أحوالهم وأوضاعهم، أن ينظر إلى من حوله بروح الناصح الشفيق، وبعطف الأب المخلص الرحيم؛ فإنْ لم يكن بهذه الأخلاق السمحة الرضية حين يتحدث أو يخطب أو يحاضر أو يدرس؛ فسُرعان ما ينفر الناس منه وينفضون عنه، ولو كان الذي يقوله حقًّا.
وهذه النظرة التعاطفية التواضعية من الداعية في الاهتمام بالمدعو، وإرادة الخير له، وبذل أقصى الجهد في إصلاحه وهدايته واستشعاره روح المحبة والرحمة هي نظرة سيد الدعاة -صلوات الله وسلامه عليه- كما حكى لنا القرآن الكريم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (الأحزاب: 6). أي: هو كما دلت عليه الآية أرأف بهم، وأعطف عليهم، وأحقُّ بهم من أنفسهم في كل شيء من أمور الدين والدنيا.
وكما ذكر لنا القرآن في سورة أخرى أنه -صلى الله عليه وسلم- كبير القدر، كريم الأصل، عظيم الشرف، يشق عليه جدًّا أنْ يرى الناس في عنت ومَشَقّة وحَرَج، بل هو الحريص على هداية البشر، بل هو الرءوف الرحيم بالمؤمنين جميعًا، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة: 128).
فعلى الداعية أن يتأسى بصاحب الخلق العظيم -صلوات الله وسلامه عليه- في حرصه واهتمامه، ورأفته ورحمته، وتواضعه وتياسره، وليأخذ ما أنزل الله عليه وعلى أمته في تعامل الناس بالرحمة وأخذهم باللين، ومقابلتهم بالعفو، والابتعاد عن كل ما يسوءهم من الكلمات الجارحة، والعبارات القارعة، قال