بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع
(نماذج من خطب الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين)
إنّ الحَمْدَ لله، نحْمده ونستَعينه ونستغفره، وأشهد أنّ لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد:
ف كان الخلفاء الراشدون الأربعة -أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم أجمعين- في الذروة من الفصاحة والبلاغة، إذ سرى في نفوسهم بيان القرآن بترغيبه وترهيبه، وبيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمواعظه وتشريعاته، وتَسَرّب هذا البيانُ إلى أجزاء نفوسهم، وأخذ بمجامع قلوبهم، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- أول من أسلم من الرجال وكان أحب رفيق إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وألصق أصحابه به، وقد نوه القرآن الكريم بذكره -رضي الله عنه- قال الله -تبارك وتعالى-: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (الليل: 5 - 7).
وفي أبي بكر -رضي الله عنه- قال قال الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (التوبة: 40)، وفيه -رضي الله عنه- قال الله -تبارك وتعالى-: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النور: 22).
وأبو بَكرٍ -رَضي اللهُ عَنه- كان خيرَ مَنْ يُمَثّل المُسلم بأخلاقه وفضائله، وحميته للدين وتأثره بهدي القرآن الكريم، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأثرًا استحوذ على كل نفسه؛ فإذا لِسَانُه يتدفق تدفق السيل، بما اسْتَشْعَر من معاني الإسلام وقيمه الروحية، وقد أُثِرَت عنه -رضي الله عنه- خطب كثيرة تدل دلالة واضحة على شدة شكيمته في الدين، ويقظته وصدق حسه، وأنه حقًّا كان أجدر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخلافته.
فمن ذلك أنه لما انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى اضطرب الناس وماجوا وقالوا وقال معهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم جميعًا-: إنّ الرسول لم يمت. أقبل أبو بكر -رضي الله عنه-