تكن، وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة؛ فمن غرق قومًا غرقناه ومن حرق قومًا حرقناه، ومن نقب بيتًا نقبنا عن قلبه، ومن نبش قبرًا دفناه حيًّا فيه، فكفوا عني أيديكم وألسنتكم أكفف عنكم يدي ولساني؛ ولا تظهر على أحد منكم ريبة بخلاف ما عليه عامتكم إلا ضربت عنقه.
وقد كانت بيني وبين أقوام إحن فجعلت ذلك دبر أذني، وتحت قدمي، فمن كان منكم محسنًا فليزدد إحسانًا، ومن كان منكم مُسيئًا فلينزع من إساءته، إني والله لو علمت أن أحدكم قد قتله السل من بغضي لم اكشف له قناعًا، ولم أهتك له سترًا حتى يبدي لي صفحته.
فإذا فعل ذلك لم أناظره فاستأنفوا أموركم، وأعينوا على أنفسكم؛ فرب مبتئس بقدومنا سيسر، ومسرور بقدومنا سييأس.
أيها الناس، إنا أصبحنا لكم ساسة وعنكم زاد، نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا، ونذود عنكم بفيء الله الذي خوّلنا؛ فلنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا، ولكم علينا العدل فيما ولينا، فاستوجبوا عدلنا وفيئنا بمناصحتكم لنا، واعلموا أني مهما قصرت فلن أُقَصّر عن ثلاث: لست محتجبًا عن طالب حاجة منكم، ولو أتاني طارقًا بليل، ولا حابسًا عطاء ولا رزقًا عن إنائه ولا مجمرًا لكم بعثًا.
فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم، فإنهم ساستكم المؤدبون لكم وكهفكم الذي إليه تأوون، ومتى يصلحوا تصلحوا، ولا تشربوا قلوبكم بغضهم؛ فيشتد لذلك غيظكم ويطول له حزنكم، ولا تدركوا حاجتكم مع أنه لو استجيب لكم فيهم لكان شرًّا لكم، أسأل الله أن يعين كلًّا على كل، وإذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمر فأنفذوه على إذلاله، وايم الله إن لي فيكم لصرعى، فليحذر كل امرئ منكم أن يكون من صرعاي".
هذا، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.