نَبِيّهِ.

أَيّهَا النّاسُ، اسْمَعُوا قَوْلِي وَاعْقِلُوهُ، تَعَلّمُنّ أَنّ كُلّ مُسْلِمٍ أَخٌ الْمُسْلِمِ وَأَنّ الْمُسْلِمِينَ إخْوَةٌ فَلَا يَحِلّ لِامْرِئِ مِنْ أَخِيهِ إلّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ فَلَا تَظْلِمُنّ أَنَفْسَكُمْ اللهُمّ هَلْ بَلّغْت؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-: اللهُمّ اشْهَدْ)).

وهكذا وجه -صلى الله عليه وسلم- هذه الخطبة في حجة الوداع، وحرص على افتتاحها بمقدمة وجيزة، "اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد هذا أبدًا بهذا الموقف". ومن شأن هذه المقدمة أن تجمع انتباه الناس ليركزوا حول ما يسمعون من النبي -صلى الله عليه وسلم.

ثم إنه لا يستدعي المؤمنون فحسب، لكنه يستدعي الناس جميعًا "أيها الناس" فما تحويل الخطبة من قواعد إنما يؤسس حياة الإنسان حيثما كان ذلك الإنسان، وتتأكد بذلك عالمية الدين القاضية بالتمسك بآدابه، بقدر ما ترفض استيراد المبادئ من هنا وهناك، من أُنَاسٍ هُم أساسًا مَدْعُوّن مِثْلُنا ليقيموا حياتهم على هذه المبادئ الشاملة الكاملة.

ومسك الختام ذلك الإصرار منه -صلى الله عليه وسلم- على أن يستشهدهم على أنفسهم أنه بلغهم رسالة ربهم "ألا هل بلغت" فيجيبون بملء قلوبهم نشهد أنك بلغت، وأديت ونصحت، صلى الله عليه وآله وسلم.

ثم إليكم بعدما سمعتم خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع إليكم نماذج من الخطب في عصور الإسلام المختلفة:

جاء في (البيان والتبيين) قال أبو الحسن المدائني عن مسلمة بن محارب، وعن أبي بكر الهزلي: "قدم زياد البصرة واليًا لمعاوية بن أبي سفيان، وضَمّ إليه خراسان، وسجستان، والفُسق بالبَصرة كثير فاش ظاهر، قالا: فخطب خطبة بتراء لم يحمد الله فيها.

وقال غيرهما: بل قال: "الحمد الله على أفضاله وإحسانه، ونسأله المزيد من نعمة وإكرامه، اللهم كما زدتنا نعما فألهمنا شكرًا. أما بعد؛ فان الجهالة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015