أيها الناس: إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث، ولا يجوز لوارث وصية، ولا يجوز وصية في أكثر من الثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر، من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، والسلام عليكم ورحمة الله.
"البيان والتبيين 2: 15، العقد الفريد 2: 13، إعجاز القرآن 111، شرح ابن أبي الحديد 1: 41، تاريخ الطبري 3: 168، الكامل لابن الأثير 2: 146، سيرة ابن هشام 2: 390".
وواضح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلم بالحمد لله والشهادة؛ لينتقل إلى شرح الآية الكريمة: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، ويصوغها بأسلوبه؛ ذلك أن الحسب والنسب الجاهليين ومظهر القوة الذى ارتدت إليه القيم الجاهلية لم يعد أساس الرفعة أو الوضاعة، وإنما يرجع الأمر كله إلى تقوى الله، باعتباره دعامة الفضيلة وميزان التفاضل بين الناس. وفي كل ذلك تكمن الثورة الروحية الكبرى التي جاء بها الإسلام، فانتظمت علاقة الإنسان بالله في صورة التقوى، وبصورة التقوى نفسها تنتظم أيضا علاقة الإنسان بأخيه الإنسان على نحو فريد. وعلى ضوء هذا تتعدد صور التقوى ممثلة في مختلف الأعمال الصالحة.
ثم انتقل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليبين طائفة من التشريعات الإسلامية التي أقامها الدين الحنيف حدودا بين حياة العرب في الجاهلية وحياتهم في الإسلام، فقد كانوا مفككين متنافرين يتحاربون دائما؛ طلبا للأخذ بالثأر ونهبا للأموال.
وجمعهم الإسلام تحت لوائه في جماعة كبرى متآخية متناصرة لا يبغي بعضهما على بعضه، ولكي يقضي على كل سبب للحرب بينهم رد دم القتيل إلى الدولة فهي التي تعاقب عليه، ولكي يستأصل هذا الداء دعا إلى التنازل