الخصائص (صفحة 980)

فأما قول من قال نحو هذا: إنه إنما بني لوقوعه موقع المبني يعني أدرك واسكت؛ فلن يخلو من أحد أمرين: إما أن يريد أن علة بنائه إنما هي نفس وقوعه موقع المبني لا غير، وإما أن يريد أن وقوعه موقع فعل1 الأمر ضمنه معنى حرف الأمر. فإن أراد الأول فسد؛ لأنه إنما علة بناء الاسم تضمنه معنى الحرف، أو وقوعه موقعه. هذا هو علة بنائه لا غير، وعليه قول سيبويه والجماعة.

فقد ثبت بذلك أن هذه الأسماء، نحو صه وإيه وويها وأشباه ذلك، إنما بنيت لتضمنها معنى حرف الأمر1 لا غير.

فإن قيل: ما أنكرت من فساد هذا القول، من قبل أن الأسماء التي سمي بها الفعل في الخبر مبنية أيضًا، نحو أف وآوتاه وهيهات، وليست بينها وبين لام الأمر نسبة قيل: القول هو الأول. فأما2 هذه فإنها محمولة في ذلك على بناء الأسماء المسمى بها الفعل في الأمر والنهي ألا ترى أن الموضع في ذلك لها، لما قدمناه من ذكرها، وأنهما3 بالأفعال لا غير، ولا يكونان إلا به4، والخبر قد يكون بالأسماء من غير أعتراض فعل فيه، نحو أخوك زيد وأبو5 جعفر. فلما كان الموضع في ذلك إنما هو لأفعال الأمر والنهي، وكانا لا يكونان إلا بحرفيهما

: اللام ولا، حمل ما سمي به الفعل في الخبر على ما سمي به في الأمر والنهي، كما يحمل هذا الحسن الوجه على هذ الضارب الرجل، وكما حمل6 أنت الرجل العبد7 "على أنت الرجل العلم والحلم"8 ونحو ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015