فأما دراك ونزال ونظار فلا أنكر النصب على الجواب بعده، فأقول: دراك زيدًا1 فتظفر به ونزال إلى الموت فتكسب الذكر الشريف به2؛ لأنه وإن لم يتصرف فإنه من لفظ الفعل، ألا تراك تقول: أأنت3 سائر فأتبعك فتقتضب4 من لفظ اسم الفاعل معنى المصدر وإن لم يكن فعلًا كما قال5 الآخر:
إذا نهي السفيه جرى إليه ... وخالف والسفيه إلى خلاف6
فاستنبط من السفيه معنى السفه، فكذلك ينتزع من لفظ دراك معنى المصدر وإن لم يكن فعلا.
هذا حديث هذه الأسماء في باب النصب.
فأما الجزم في جواباتها فجائز حسن، وذلك قولك: صه تسلم، ومه تسترح، ودونك زيدا تظفر بسلبه؛ ألا تراك في الجزم لا تحتاج إلى تصور معنى المصدر؛ لأنك لست تنصب الجواب فتضطر إلى تحصيل معنى المصدر الدال على7 أن والفعل. وهذا واضح.
فإن قيل: فمن أين وجب بناء هذه الأسماء؟ فصواب القول في ذلك أن علة بنائها إنما هي تضمنها8 معنى لام الأمر، ألا ترى أن صه بمعنى اسكت وأن أصل اسكت لتسكت؛ كما أن أصل قم لتقم، واقعد لتقعد؛ فلما ضمنت هذه الأسماء معنى لام الأمر شابهت الحرف فبنيت؛ كما أن كيف ومن وكم لما تضمن كل واحد منها معنى حرف الاستفهام بني؛ وكذلك بقية الباب.