الخصائص (صفحة 976)

فإن قيل: فقد ثبت بما أوردته كون هذه الكلم أسماء، ولكن ليت شعري ما كانت الفائدة في التسمية لهذه الأفعال بها؟

فالجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه:

أحدها السعة في اللغة، ألا تراك لو احتجت في قافية بوزن قوله1:

قدنا إلى الشأم جياد المصرين2

لأمكنك أن تجعل إحدى قوافيها "دهدرين"، ولو جعلت هنا ما هذا اسمه -وهو بطل- لفسد وبطل. وهذا واضح.

والآخر المبالغة. وذلك أنك في المبالغة لا بد أن تترك موضعًا إلى موضع؛ إما لفظًا إلى لفظ، وإما جنسًا إلى جنس، فاللفظ3 كقولك: عراض، فهذا قد تركت فيه لفظ عريض. فعراض إذًا أبلغ من عريض. وكذلك رجل حسان ووضاء؛ فهو4 أبلغ من قولك: حسن، ووضئ، وكرام أبلغ من كريم؛ لأن كريمًا على كرم وهو الباب وكرام خارج عنه. فهذا5 أشد مبالغة من كريم. قال الأصمعي: الشيء إذا فاق في جنسه6 قيل له: خارجي. وتفسير هذا ما نحن بسبيله، وذلك أنه لما خرج عن معهود حاله أخرج أيضًا عن معهود لفظه. ولذلك أيضًا إذا أريد بالفعل المبالغة في معناه، أخرج عن معتاد حاله من التصرف فمنعه. وذلك نعم وبئس وفعل التعجب. ويشهد لقول الأصمعي بيت طفيل:

وعارضتها رهوا على متتابعٍ ... شديد القصيرى خارجي محنب7

طور بواسطة نورين ميديا © 2015