في الشيء من نفسه معنى آخر, كأنه حقيقته ومحصوله. وقد يجري1 ذلك إلى ألفاظها لما عقدت عليه معانيها. وذلك نحو قولهم: لئن لقيت زيدًا2 لتلقين منه الأسد, ولئن سألته لتسئلن منه البحر. فظاهر هذا أن فيه من نفسه أسدًا وبحرًا, وهو عينه هو الأسد والبحر "لا3 أن" هناك شيئًا منفصلًا عنه وممتازًا منه.
وعلى هذا يخاطب الإنسان منهم نفسه، حتى كأنها تقابله أو4 تخاطبه.
ومنه قول الأعشى:
وهل تطيق وداعًا أيها الرجل5
وهو الرجل نفسه لا غيره, وعليه قراءة من قرأ: "قَالَ اعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"6 أي: اعلم أيها الإنسان, وهو نفسه7 الإنسان, وقال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} 8 وهي نفسها "دار الخلد"9.
وقال الأعشى:
لات هنا ذكرى جبيرة أم من ... جاء منها بطائف الأهوال10
وهي نفسها الجائية بطائف الأهوال.