نعم, ولو لم يكن في الإطالة في بعض الأحوال إلا الخروج إليها عما قد ألف ومل من الإيجاز لكان مقنعًا.
ألا ترى إلى كثرة غلبة الياء على الواو في عام الحال ثم مع هذا فقد ملوا ذلك إلى أن قلبوا الياء واوًا قلبًا ساذجًا أو كالساذج لا لشيء أكثر من الانتقال من حال إلى حال فإن المحبوب إذا كثر مُلّ, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم 1: "يا أبا هريرة زر غبًّا تزدد حبًّا" , والطريق في هذا بحمد الله واضحة مهيع. وذلك الموضع الذي قلبت فيه الياء واوًا على ما ذكرنا لام فَعْلى إذا كانت اسمًا من نحو: الفتوى والرعوى2 والثنوى2 والبقوى2 والتقوى والشروى2 والعوى "لهذا النجم ". وعلى ذلك أو قريب منه قالوا: عوى الكلب عوة. وقالوا: الفتُوّة وهي من الياء وكذلك النَّدُوّة3. وقالوا: هذا أمر ممضُوّ عليه وهي المضواء4, وإنما هي من مضيت لا غير.
وقد جاء عنهم: رجل مهوب وبُرّ مكول5 ورجل مسور به6. فقياس هذا كله على قول الخليل أن يكون مما قلبت فيه الياء واوًا؛ لأنه يعتقد أن المحذوف من هذا ونحوه إنما هو واو مفعول لا عينه وأنسه بذلك قولهم: قد هوب, وسور به وكول.
واعلم أنا -مع ما شرحنا وعنينا به فأوضحناه من ترجيح علل النحو على علل الفقه, وإلحاقها بعلل الكلام- لا ندعي أنها تبلغ قدر علل المتكلمين ولا عليها