الخصائص (صفحة 88)

الله سبحانه {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} . ويجوز عندي أيضًا أن يكون جمع أجمع على حذف الزيادة وعليه حمل أبو عبيدة قول الله تعالى {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} أنه جمع أشد, على حذف الزيادة. قال: وربما استكرهوا على حذف هذه الزيادة في الواحد, وأنشد بيت عنترة 1:

عهدي به شد النهار ...

أي أشد النهار, ويعني أعلاه وأمتعه وذهب سيبويه في أشد هذه إلى أنها جمع شدة كنعمة وأنعم. وذهب أبو عثمان2 فيما رويناه عن أحمد2 بن يحيى عنه إلى أنه جمع لا واحد له.

ثم لنعد فنقول: إنهم إذا كانوا في حال إكثارهم وتوكيدهم مستوحشين منه مصانعين3 عنه علم أنهم إلى الإيجاز أميل, وبه أعنى وفيه أرغب؛ ألا ترى إلى ما في القرآن وفصيح الكلام: من كثرة الحذوف كحذف المضاف وحذف الموصوف والاكتفاء بالقليل من الكثير كالواحد من الجماعة وكالتلويح من التصريح. فهذا ونحوه -مما يطول إيراده وشرحه- مما يزيل الشك عنك في رغبتهم فيما خف وأوجز عما طال وأملّ, وأنهم متى اضطروا إلى الإطالة لداعي حاجة أبانوا عن ثقلها عليهم, واعتدوا بما كلفوه من ذلك أنفسهم وجعلوه كالمنبهة على فرط عنايتهم وتمكن الموضع عندهم, وأنه ليس كغيره مما ليست له حرمته ولا النفس معنية به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015