الخصائص (صفحة 867)

فقوله: "كل الظن" يدل على صحة ما ذهبنا إليه. قال لي أبو علي: قولنا: قام زيد, بمنزلة قولنا: خرجت فإذا الأسد, ومعناه أن قولهم: خرجت فإذا الأسد تعريفه هنا تعريف الجنس كقولك: الأسد أشد من الذئب, وأنت لا تريد أنك "خرجت وجميع الأسد"1 التي2 يتناولها الوهم على الباب. هذا محال واعتقاده اختلال3. وإنما أردت: خرجت فإذا واحد من هذا الجنس بالباب, فوضعت لفظ الجماعة على الواحد مجازًا لما فيه من الاتساع والتوكيد والتشبيه. أما الاتساع فإنك4 وضعت اللفظ المعتاد للجماعة على الواحد. وأما التوكيد فلأنك عظمت قدر ذلك الواحد، بأن جئت بلفظه على اللفظ المعتاد للجماعة, وأما التشبيه فلأنّك عظّمت قدر ذلك الواحد بالجماعة؛ لأن كل واحد منها مثله في كونه أسدًا.

وإذا كان كذلك فمثله قعد جعفر, وانطلق محمد, وجاء الليل, وانصرم النهار. وكذلك أفعال القديم سبحانه؛ نحو5: خلق الله السماء والأرض, وما6 كان مثله, ألا ترى -أنه عزَّ اسمه- لم يكن منه بذلك خلق أفعالنا, ولو كان حقيقة لا مجازًا لكان خالقًا للكفر والعدوان وغيرهما7 من أفعالنا -عز وعلا. وكذلك علم الله قيام زيد مجاز8 أيضًا؛ لأنه لست الحال التي علم عليها قيام زيد هي الحال التي علم عليها قعود عمرو. ولسنا نثبت له سبحانه علمًا؛ لأنه عالم بنفسه9, إلا أنَّا مع ذلك نعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015