الخصائص (صفحة 866)

الجنس من الفعل, ومعلوم أنه لم يكن منه جميع القيام, وكيف1 يكون ذلك وهو جنس, والجنس يطبق2 جميع الماضي وجميع الحاضر وجميع الآتي, الكائنات من كل من وجد منه القيام. ومعلوم3 أنه لا يجتمع لإنسان واحد "في وقت واحد"4, ولا في مائة ألف سنة مضاعفة القيام كله الداخل تحت الوهم, هذا محال عند كل ذي لب. فإذا كان كذلك علمت أن "قام زيد" مجاز لا حقيقة, وإنما هو على وضع الكل موضع البعض للاتساع والمبالغة وتشبيه القليل بالكثير. ويدل على انتظام ذلك لجميع جنسه أنك تعلمه في جميع أجزاء ذلك الفعل فتقول: قمت قومة, وقومتين, ومائة قومة, وقيامًا حسنًا, وقيامًا قبيحًا. فأعمالك إياه في جميع أجزائه يدل على أنه موضوع عندهم على صلاحه لتناول جميعها. وإنما يعمل الفعل من المصادر فيما فيه عليه دليل؛ ألا تراك لا تقول: قمت جلوسًا, ولا ذهبت مجيئًا, ولا نحو ذلك لما لم تكن فيه دلالة عليه, ألا ترى إلى قوله:

لعمري لقد أحببتك الحب كله ... وزدتك حبًا لم يكن قبل يعرف5

"فانتظامه6 لجميعه يدل على وضعه على اغتراقه واستيعابه"7 وكذلك قول الآخر:

فقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظنّ أن لا تلاقيا8

طور بواسطة نورين ميديا © 2015