الخصائص (صفحة 863)

فأما قولهم: ملكتُ عبدًا ودخلت دارًا وبنيت حمامًا فحقيقي هو ونحوه, لا استعارة فيه ولا مجاز في هذه المفعولات, لكن في الأفعال الواصلة إليها مجاز. وسنذكره. ولكن لو قال: بنيت لك في قلبي بيتًا, أو ملكت من الجود عبدًا خالصًا, أو أحللتك من رأيي وثقتي1 دار صدق؛ لكان ذلك مجازًا واستعارة لما فيه من الاتساع والتوكيد والتشبيه على ما مضى.

ومن المجاز كثير من باب الشجاعة في اللغة: من الحذوف2، والزيادات3، والتقديم والتأخير , والحمل على المعنى, والتحريف.

ألا ترى أنك إذا قلت: بنو4 فلان يطؤهم الطريق, ففيه من السعة إخبارك عمَّا لا يصح وطؤه بما صح وطؤه. فتقول على هذا: أخذنا على الطريق الواطئ لبني فلان, ومررنا بقوم موطوئين بالطريق, ويا طريق طأ بنا بني فلان, أي أدّنا إليهم. وتقول: بني فلان بيته على سنن المارة رغبة في طئة الطريق بأضيافه له. أفلا ترى إلى وجه الاتساع عن هذا المجاز.

ووجه التشبيه إخبارك عن الطريق بما تخبر به عن سالكيه, فشبهته5 بهم إذ كان هو المؤدي لهم, فكأنه هم.

وأما التوكيد6 فلأنك إذا أخبرت عنه بوطئه إياهم كان أبلغ من وطء سالكيه لهم, وذلك أن الطريق مقيم ملازم, فأفعاله مقيمة معه, وثابتة بثباته. وليس كذلك أهل الطريق؛ لأنهم قد يحضرون فيه ويغيبون عنه, فأفعالهم أيضًا كذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015