الخصائص (صفحة 827)

وذهب أبو الحسن في قول الله سبحانه: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} 1 إلى أنه أراد: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} من الجنة والناس {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} 2.

ومنه قول الله -عز اسمه: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} 3 أي: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم, وقيل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} 4 إن تقديره: والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة ثم يعودون "لما قالوا"5. ونحو من هذا اقدمنا ذكره من الاعتراض في نحو قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} 6 تقديره -والله أعلم- فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم, وإنه لقسم عظيم لو تعلمون.

وقد شبّه الجازم بالجار ففصل بينهما, كما فصل بين الجار والمجرور, وأنشدنا7 لذي الرمة:

فأضحت مغانيها قفارًا رسومها ... كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل8

طور بواسطة نورين ميديا © 2015