أما أن تقول: إلا "علالة أو بداهته"1 قارحٍ, وبرئت إليك من خمسة وعشريهم النخّاسين, وقطع الله يد ورجله من قاله, ومررت بخير وأفضله مَنْ ثَمَّ, وبين ذراعي وجبهته الأسدِ؛ لأنك إنما تعمل الأول، فجرى ذلك2 مجرى: ضربت فأوجعته زيدًا, إذا أعملت الأول.
وإما أن تقدّر حذف المجرور من الثاني وهو مضمَر ومجرور كما ترى, والمضمر إذا كان مجرورًا قبح حذفه؛ لأنه يضعف أن ينفصل فيقوم برأسه.
فإذا لم تخل3 عند جرِّك الآخر بالأول من واحد من هذين, وكل واحد منهما متروك, وجب أن يكون المجرور إنما انجرَّ بالمضاف الثاني الذي وليه, لا بالأول الذي بَعُد عنه.
قيل: أما تركهم إظهار الضمير في الثاني, وأن يقولوا: بين ذراعي وجبهته الأسد ونحو ذلك, فإنهم لو فعلوه4 لبقي المجرور لفظًا لا جارّ له في اللفظ يجاوره, لكنهم لما قالوا: بين ذراعي وجبهة الأسد صار كأنَّ "الأسد" في اللفظ مجرور بنفس "الجبهة", وإن كان في5 الحقيقة مجرورًا بنفس الذراعين. وكأنهم6 في ذلك إنما أرادوا إصلاح اللفظ. وأما قبح حذف الضمير مجرورًا لضعفه عن الانفصال, فساقط عنا أيضًا, وذلك أنه إنما يقبح7 فصل الضمير المجرور متى خرج إلى اللفظ نحو: مررت بزيدوك, ونزلت على زيدوه لضعفه8 أن يفارق ما جره. فأما إذا لم يظهر إلى اللفظ