الخصائص (صفحة 820)

ولا تحسبنَّ القتل محضًا شربته ... نزارًا ولا أن النفوس استقرت1

ومعناه: لا تحسبن قتلك نزارًا محضًا شربته؛ إلا أنه وإن كان هذا معناه فإن إعرابه على غيره وسواه, ألا ترى أنك إن حملته على هذا جعلت "نزارًا" في صلة المصدر الذي هو "القتل", وقد فصلت بينهما بالمفعول الثاني الذي هو "محضًا"، وأنت لا تقول: حسبت ضربك جميلًا زيدًا, وأنت تقدره على: حسبت ضربك زيدًا جميلًا, لما فيه من الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي. فلا بُدَّ إذًا من أن تضمر لنزار ناصبًا يتناوله يدل عليه قوله: "القتل" أي: قتلت نزارًا. وإذا جاز أن يقوم الحال مقام اللفظ بالفعل كان اللفظ بأن يقوم مقام اللفظ أولى وأجدر.

وذاكرت المتنبيء شاعرنا نحوًا من هذا, وطالبته به في شيء من شعره فقال: لا أدري ما هو إلّا أن الشاعر قد2 قال:

لسنا كمن حلت3 إيادٍ دارها

البيت4. فعجبت من ذكائه وحضوره مع قوة المطالبة له5 حتى أورد ما هو في معنى البيت الذي تعقبته6 عليه من شعره, واستكثرت ذلك منه. والبيت قوله:

وفاؤكما كالربع ِأشجاه طاسمه ... بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه7

وذكرنا ذلك لاتصاله بما نحن عليه, فإن الأمر يذكر للأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015