الخصائص (صفحة 819)

فأما ما أنشده أبو الحسن من قوله 1:

لسنا كمن حلت إياد دارها ... تكريت ترقب حبها أن يحصدا

فمعناه: لسنا كمن حلت دارها ثم أبدل "إياد" من "من حلت دارها" , فإن حملته على هذا كان لحنًا؛ لفصلك بالبدل بين بعض الصلة وبعض, فجرى ذلك في فساده مجرى قولك: مررت بالضارب زيد جعفرًا. وذلك أن البدل إذا جرى على المبدل منه آذن بتمامه وانقضاء أجزائه, فكيف يسوغ لك أن تبدل منه وقد بقيت منه بقية هذا خطأ في الصناعة, وإذا كان كذلك والمعنى عليه أضمرت ما يدل عليه "حلت" فنصبت به الدار, فصار تقديره: لسنا كمن حلت إياد, أي: كإيادٍ التي حلت, ثم قلت من بعده: حلت دارها. فدلَّ "حلت" في الصلة على "حلت" هذه التي نصبت "دارها".

ومثله قول الله سبحانه: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ، يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} 2 "أي: يرجعه يومن تبلى السرائر"3 فدلَّ "رجعه" على يرجعه, ولا يجوز أن تعلق "يوم" بقوله: "لقادر"؛ لئلّا يصغر المعنى؛ لأن الله تعالى قادر يوم تبلى السرائر وغيره في كل وقت وعلى كل حال على رجع البشر وغيرهم. وكذلك قول4 الآخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015