الخصائص (صفحة 80)

وجدت غدرًا مقطوعًا به صرت إليه واعتمدته وإن تعذر ذلك, جنحت إلى طريق الاستخفاف والاستثقال فإنك لا تعدم هناك مذهبًا تسلكه ومأمًّا تتورّده. فقد أريتك في ذلك أشياء: أحدها استثقالهم الحركة التي هي أقل من الحرف حتى أفضوا في ذلك إلى أن أضعفوها واختلسوها ثم تجاوزوا ذلك إلى أن انتهكوا حرمتها فحذفوها ثم ميلوا1 بين الحركات فأنحو على الضمة والكسرة لثقلهما، وأجموا2 الفتحة في غالب الأمر لخفتها فهل هذا إلا لقوة نظرهم ولطف استشفافهم وتصفحهم.

أنشدنا مرة أبو عبد الله الشجري شعرًا لنفسه, فيه بنو عوف, فقال له بعض الحاضرين: أتقول: بنو عوف أم بني عوف شكًا من السائل في بني وبنو فلم يفهم الشجري ما أراده وكان في ثنايا السائل فضل فرق3، فأشبع الصويت الذي يتبع الفاء في الوقف فقال الشجري مستنكرًا لذلك: لا أقوى في الكلام على هذا النفخ.

وسألت غلامًا من آل المهيا فصيحًا عن لفظة من كلامه لا يحضرني الآن ذكرها فقلت: أكذا أم كذا فقال: " كذا بالنصب لأنه أخف " فجنح إلى الخفة وعجبت من هذا مع ذكره النصب بهذا اللفظ. وأظنه استعمل هذه اللفظة لأنها مذكورة عندهم في الإنشاد الذي يقال له النصب مما يتغنى به الركبان. وسنذكر فيما بعد بابًا نفصل فيه بين ما يجوز السؤال عنه مما4 لا يجوز ذلك فيه بإذن الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015