البعض, وكانت الأصول ومواد الكلم1 معرضة لهم وعارضة أنفسها على تخيرهم, جرت لذلك "عندهم"2 مجرى مال ملقى بين يدي صاحبه, وقد أجمع إنفاق3 بعضه دون بعضه, فميز رديئه وزائفه فنفاه البتة كما نفوا عنهم تركيب ما قبح تأليفه, ثم ضرب بيده إلى ما أطف4 له من عرض جيدة فتناوله للحاجة إليه, وترك البعض لأنه لم يرد استيعاب جميع ما بين يديه منه لما قدمنا ذكره وهو يرى أنه لو أخذ ما ترك مكان أخذ5 ما أخذ لأغنى عن صاحبه ولأدى في الحاجة إليه تأديته ألا ترى أنهم لو استعملوا لجع6 مكان نجع لقام مقامه, وأغنى مغناه. ثم لا أدفع أيضًا أن تكون في بعض ذلك أغراض لهم عدلوا إليه لها, ومن أجلها فإن كثيرًا من هذه اللغة وجدته مضاهيًا بأجراس حروفه أصوات الأفعال التي عبر بها عنها7؛ ألا تراهم قالوا قضم في اليابس وخضم في الرطب؛ ذلك لقوة القاف وضعف الخاء فجعلوا الصوت الأقوى للفعل الأقوى, والصوت الأضعف للقعل الأضعف. وكذلك قالوا: صر الجندب, فكرروا الراء لما هناك من استطالة صوته, وقالوا: صرصر البازي فقطعوه لما هناك من تقطيع صوته وسموا الغراب غاق حكاية لصوته والبط بطًا حكاية لأصواتها،