الخصائص (صفحة 66)

وإذ قد ثبت ما أردناه: من أن الثلاثي في الإهمال محمول على حكم الرباعي فيه لقربه من الخماسي بقي علينا أن نورد العلة التي لها استعمل بعض الأصول من الثلاثي والرباعي والخماسي دون بعض وقد كانت الحال في الجميع متساوية. والجواب عنه ما أذكره.

اعلم أن واضع اللغة لما أراد صوغها وترتيب أحوالها هجم بفكره على جميعها ورأى بعين تصوره وجوه جملها1 وتفاصيلها وعلم أنه لا بد من رفض ما شنع تألفه منها نحو هع وقج وكق فنفاه عن نفسه ولم يمرره بشيء من لفظه وعلم أيضًا أن ما طال وأمل بكثرة حروفه لا يمكن فيه من التصرف ما أمكن في أعدل الأصول وأخفها وهو الثلاثي. وذلك أن التصرف في الأصل وإن دعا إليه قياس -وهو الاتساع به في الأسماء والأفعال والحروف- فإن هناك من وجه آخر ناهيًا عنه وموحشًا منه وهو أن في نقل الأصل إلى أصل آخر نحو صبر، وبصر، وصرب2، وربص2، صورة الإعلال نحو قولهم " ما أطيبه وأيطبه" "واضمحل وامضحل" "وقسي وأينق " وقوله:

مروان مروان أخو اليوم اليمى3

وهذا كله إعلال لهذه الكلم وما جرى مجراها. فلما كان انتقالهم من أصل إلى أصل, نحو صبر، وبصر، مشابهًا للإعلال, من حيث ذكرنا, كان من هذا الوجه كالعاذر لهم في الامتناع من استيفاء جميع ما تحتمله قسمة التركيب في الأصول. فلما كان الأمر كذلك واقتضت الصورة رفض البعض، واستعمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015