الخصائص (صفحة 520)

ومنها "السليقة", وهي من قولهم: فلان يقرأ بالسليقية1, أي: بالطبيعة. وتلخيص ذلك أنها كالنحيتة. وذلك أن السليق ما تحاتّ من صغار الشجر, قال:

تسمع منها في السليق الأشهب ... معمعة مثل الأباء الملهب2

وذلك أنه إذا تحاتّ لان وزالت شدته. والحتّ كالنحت, وهما في غاية القرب. ومنه قول الله سبحانه: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} 3 أي: نالوا منكم. وسذا4 هو نفس المعنى في الشيء المنحوت5 المحتوت؛ ألا تراهم يقولون: فلان كريم النجار والنجر, أي: الأصل. والنجر والنحت والحت والضرب والدق والنحز والطبع والخلق والغرز والسلق, وكله التمرين على الشيء، وتلييين القوي6 ليصحب وينجذب. فأعجب للطف صنع الباري سبحانه في أن طبع الناس على هذا وأمكنهم7 من ترتيبه وتنزيله وهداهم للتواضع عليه وتقريره.

ومن ذلك قولهم للقطعة من المسك: "الصوار"8 قال الأعشى:

إذا تقوم يضوع المسك أصورة ... والعنبر الورد من أردانها شمل9

فقيل له: "صوار"10 لأنه "فعال" من صاره يصوره إذا عطفه وثناه, قال الله سبحانه: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} 11 وإنما قيل له ذلك لأنه يجذب حاسة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015