الخصائص (صفحة 519)

ومنها "السجيحة" وهي فَعِيلة من سجح خلقه. وذلك أن الطبييعة قد فرَّت1 واطمأنت فسجحت وتذللت2. وليس على الإنسان من طبعه كُلْفَة, وإنما الكلفة فيما يتعاطاه ويتجشمه, قال حسان:

ذروا التخاجؤ وامشوا مشية سجحًا ... إن الرجحال ذوو عصب وتذكير3

وقال الأصمعي: إذا استوت أخلاق القوم قيل: هم على سرجوجة واحدة, ومرن واحد, "ومنهم من يقول: سرجيجة وهي فعليلة من هذا"4، فسرجوجة: فعلولة، من لفظ السرج ومعناه. والتقاؤهما أن السرج إنما أريد للراكب ليعدله ويزل اعتلاله وميله. فهو من تقويم5 الأمر. وكذلك إذا استتبوا على وتيرة واحدة, فقد تشابهت أحوالهم وزاح خلافهم، وهذا6 أيضًا ضرب من التقرير والتقدير؛ فهو بالمعنى عائد إلى النحيتة والسجية والخليقة؛ لأن هذه كلها صفات تؤذن بالمشابهة والمقاربة. والمرن مصدر كالحلف والكذب. والفعل منه مَرَن على الشيء إذا ألفه فلان له. وهو عندي من مارن الأنف لما لان منه. فهو أيضًا عائد إلى أصل الباب, ألا ترى أن الخليقة والنحيتة والطبيعة والسجية, وجميع هذه المعاني التي تقدمت تؤذن بالإلف والملاينة والإصحاب والمتابعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015