فانظر إلى قوة تصوّر الخليل إلى أن هجم به الظنّ على اليقين, فهو المعني1 بقوله:
الألمعيّ الذيب يظنُّ بك الظن ... كأن قد رأى وقد سمعا
وإذا كان ما قدمناه من أن العرب لا تكسر فَعَلة على أفعال مذهبًا لها, فواجب أن يكون "أفلاء" من قوله 2:
مثلها يخرج النصيحة للقو ... م فلاةً من دونها أفلاء
تكسير "فلا" الذي هو جمع فلاة لا جمعًا لفلاةٍ؛ إذ كانت فَعَلة. وعلى هذا فينبغي3 أيضًا أن يكون قوله 4:
كأن متنيه من النفيّ ... مواقع الطير على الصفيّ
إنما هو تكسير صفَا الذي هو جمع صفاة؛ إذ كانت فعلة لا تكسر على فعول, إنما ذلك فعلة كبدرة وبدور ومأنة5 ومئون. أو فَعَل كطلل وطلول, وأسد وأسود. وقد ترى بهذا أيضًا مشابهة فعلة لفعل في تكسيرهما جميعًا على فعول.
ومن ذلك قولهم في الزكام: آرضه الله, وأملأه, وأضأده. وقالوا 6: هي الضؤدة والملأة، والأرض. والصنعة في ذلك أن "فُعْلا" قد عاقبت7 "فَعَلا" على الموضع الواحد نحو: المعُجْم والعَجَم, والعُرْب والعَرَب, والشُغْل والشَغَل،