فمما تأخَّر دليله قولهم: ضربني وضربت زيدًا, ألا ترى أن1 المفسِّر للضمير المتقدم جاء من بعده. وضده زيد ضربته؛ لأن المفسِّر للضمير متقدم عليه. وقريب من هذا أيضًا اتباع الثاني للأول نحو: شُدٌّ2 وفِرّ2، وضّنَّ2، وعكسه قولك: اقتل, اُستُضعِف, ضممت الأول للآخر.
فإن قلت: فإن في تهامة ألفًا, فلم ذهبت إلى أن الألف في تهام عوض من إحدى الياءين للإضافة؟ قيل: قال الخليل في هذا: إنهم كأنهم نسبوه إلى فَعْل أو فَعَل, وكأنهم فكوا3 صيغة تهامة فأصاروها إلى تَهَمٍ أو تَهْم, ثم أضافوا إليه فقالوا: تهامٍ.
وإنما ميّل4 الخليل بين فَعْل وفَعَل، ولم يقطع بأحدهما؛ لأنه قد جاء هذا العمل في هذين المثالين جميعًا، وهما5 الشأم واليمن. وهذا الترجيم6 الذي أشرف عليه الخليل ظنًّا، قد جاء به السماع نصًّا7؛ أنشدنا أبو علي، قال أنشد8 أحمد بن يحيى:
أرَّقنى الليلةَ بَرْقٌ بالتَهم ... يا لكَ برقًا من يَشُقْه لا ينمْ9