الخصائص (صفحة 50)

باب ذكر علل العربية أكلامية هي أم فقهية؟ 1

اعلم أن علل2 النحويين -وأعني بذلك حذاقهم المتقنين لا ألفافهم3 المستضعفين- أقرب إلى علل المتكلمين منها إلى علل المتفقهين. وذلك أنهم إنما يحيلون على الحس ويحتجون فيه بثقل الحال أو خفتها على النفس وليس كذلك حديث علل الفقه. وذلك أنها إنما هي أعلام وأمارات لوقوع الأحكام ووجوه الحكمة فيها خفية عنا غير بادية الصفحة4 لنا؛ ألا ترى أن ترتيب مناسك الحج وفرائض الطهور والصلاة والطلاق وغير ذلك إنما يرجع في وجوبه إلى ورود الأمر بعمله ولا تعرف علة جعل الصلوات في اليوم والليلة خمسًا دون غيرها من العدد ولا يعلم أيضًا حال الحكمة والمصلحة في عدد الركعات ولا في اختلاف ما فيها من التسبيح والتلاوات إلى غير ذلك مما يطول ذكره ولا تحلى النفس بمعرفة السبب الذي كان له ومن أجله وليس كذلك علل النحويين. وسأذكر طرفًا من ذلك لتصح الحال به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015