الخصائص (صفحة 469)

مقلوبًا عن صاحبه. وذلك أنهما جميعًا يتصرَّفان تصرفًا واحدًا نحو: جذب يجذب جذباَ فهو جاذب, والمفعول مجذوب, وجبذ يجبذ جبذًا فهو جابذ والمفعول مجبوذ. فإن جعلت مع هذا أحدهما أصلًا لصاحبه فسد ذلك؛ لأنك لو فعلته لم يكن أحدهما أسعد بهذه الحال من الآخر. فإذا وقفت الحال بينهما1 ولم يؤثر2 بالمزية أحدهما وجب أن يتوازيا3, وأن يمثلا بصفحتيهما معًا. وكذلك ما هذه سبيله.

فإن قصر4 أجدهما عن تصرف صاحبه ولم5 يساوه فيه كان أوسعهما تصرفًا أصلًا لصاحبه. وذلك كقولهم: أنى الشيء يأني وآنٍ يئين, فآن مقلوب عن أنى, والدليل على ذلك وجودك مصدر أنى يأنى وهو الإنَى, ولا تجد لآن مصدرًا, كذا قال الأصمعي. فأما الأين فليس من هذا في شيء, إنما الأين: الإعياء والتعب. فلما عدم من "آن" المصدر الذي هو أصل للفعل, عُلِمَ أنه مقلوب عن أنى يأنى إنىّ, قال الله تعالى: {إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} 6 أي: بلوغه وإدراكه. قال أبو علي: ومنه سموا الإناء؛ لأنه لا يستعمل إلّا بعد بلوغه حظّه من خرزه أو صياغته أو نجارته أو نحو ذلك. غير أن أبا زيد قد حكى لآن مصدرًا وهو الأين. فإن كان الأمر كذلك فهما إذًا أصلان متساويان7 وليس أحدهما أصلًا لصاحبه.

ومثل ذلك "في القلب"8 قولهم: "أيست من كذا" فهو مقلوب9 من "يئست" لأمرين, ذكر أبو علي أحدهما وهو ما ذهب إليه من أن "أيست" لا مصدر له،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015