ومن التدريج قولهم: هذا حضرُموت بالإضافة على منهاج اقتران الاسمين أحدهما بصاحبه. ثم تدرجوا من هذا إلى التركيب فقالوا: هذا حضرَموت. ثم تدرجوا من هذا إلى أن صاغوهما جميعًا صياغة المفرد فقالوا: هذا حضرَمُوت فجرى لذلك مجرى عضرفوط ويستعور.
ومن التدريج في اللغة قولهم: ديمة1 وديم؛ واستمرار القلب في العين للكسرة قبلها, ثم تجاوزوا ذلك لما كثر وشاع إلى أن قالوا: ديمت السماء ودومت؛ فأما دومت فعلى القياس وأما ديمت فلاستمرار القلب في ديمة وديم. أنشد أبو زيد:
هو الجواد ابن الجواد ابن سبل ... إن دوموا جاد وإن جادوا وبل2
ورواه أيضًا "ديموا " بالياء. نعم ثم قالوا: دامت السماء تديم؛ فظاهر هذا أنه أجري مجرى باع يبيع, وإن كان من الواو.
فإن قلت: فلعله فعل يفعل من الواو؛ كما ذهب الخليل في طاح يطيح, وتاه يتيه؛ قيل: حمله على الإبدال أقوى؛ ألا ترى أنه قد حكي في مصدره ديمًا, فهذا مجتذب إلى التاء مدرج3 إليها مأخوذ به نحوها.
فإن قلت: فلعل4 الياء لغة5 في هذا الأصل كالواو, بمنزلة ضاره يضيره ضيرًا وضاره يضوره ضورًا. قيل: يبعد ذلك هنا ألا ترى إلى اجتماع6