وفيها:
في باذخات من عماية أو ... يرفعه دون السماء خيم1
والأمر في كثرة تقديم المفعول على الفاعل في القرآن وفصيح الكلام متعالم غير مستنكر فلما كثر وشاع تقديم المفعول "على الفاعل"2 كان الموضع له، حتى إنه إذا أخر فموضعه التقديم فعلى ذلك كأنه قال: جزى عديَّ بن حاتم ربُّه ثم قدم الفاعل على أنه قد قدره مقدمًا عليه مفعوله فجاز ذلك3، ولا تستنكر هذا الذي صورته لك ولا يجف عليك فإنه مما تقبله هذه اللغة ولا تعافه ولا تتبشعه ألا ترى أن سيبويه أجاز في جر "الوجه" من قولك: هذا الحسن الوجهِ أن يكون من موضعين: أحدهما بإضافة الحسن إليه، والآخر تشبيه4 له بالضارب الرجل هذا مع أنا قد أحطنا علمًا بأن الجر في "الرجل" من قولك: هذا الضارب الرجل إنما جاءه وأتاه من جهة تشبيههم إياه بالحسن الوجه لكن لما اطرد الجر في نحو هذا الضارب الرجل والشاتم الغلام صار كأنه أصل في بابه حتى دع ذاك سيبويه إلى أن عاد "فشبه الحسن الوجه "5 بالضارب الرجل، "من الجهة التي إنما صحت للضارب الرجل تشبيهًا بالحسن الوجه"6 وهذا يدلك على تمكن الفروع عندهم حتى إن أصولها