الخصائص (صفحة 289)

وهي المنخفض من الأرض -قال: وكذلك " هيت " لهذا البلد1، لأنه منخفض من الأرض- فأصله2 هوتيت، ثم أبدلت الواو التي هي عين فعليت وإن كانت ساكنة؛ كما أبدلت في ياجل3 وياحل3، فصار هاتيت وهذا لطيف حسن. على أن صاحب العين قد قال: إن الهاء فيه بدل من همزة كهرقت ونحوه. والذي يجمع بين هاتيت وبين الهوتة حتى دعا ذلك أبا علي إلى ما قال به أن الأرض المنخفضة تجذب إلى نفسها بانخفاضها. وكذلك قولك: هات إنما هو استدعاء منك للشيء واجتذابه إليك. وكذلك صاحب العين إنما حمله على اعتقاد بدل الهاء من الهمزة أنه أخذه من أتيت الشيء والإتيان ضرب من الانجذاب إلى الشيء. والذي ذهب إليه أبو علي في "هاتيت " غريب لطيف.

ومما يستحيل فيه التقدير لانتقاله من صورة إلى أخرى قولهم "هلممت" إذا قلت: هلم. فهلممت الآن كصعررت وشمللت وأصله قبل غير هذا إنما هو أول4 "ها " للتنبيه لحقت مثال الأمر للمواجه توكيدًا. وأصلها5 ها لُمَّ فكثر استعمالها وخلطت "ها " بـ "لم " توكيدًا للمعنى لشدة الاتصال فحذفت الألف لذلك ولأن لام " لم " في الأصل ساكنة ألا ترى أن تقديرها أول "المم " وكذلك يقولها أهل الحجاز ثم زال هذا كله بقولهم "هلممت " فصارت كأنها فعللت من لفظ "الهلمام "6 وتنوسيت حال التركيب. وكأن الذي صرفهما جميعًا عن ظاهر حاله حتى دعا أبا علي إلى أن جعله من "الهوتة " وغيره من لفظ أتيت عدم تركيب7 ظاهره،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015