الخصائص (صفحة 288)

فما كان أقوى قياسه وأشد بهذا العلم اللطيف الشريف أنسه. فكأنه إنما كان مخلوقًا له. وكيف كان لا يكون كذلك وقد أقام على هذه الطريقة مع جلة أصحابها وأعيان شيوخها سبعين سنة زائحة علله ساقطة عنه كلفه, وجعله همه وسدمه1، لا يعتاقه عنه ولد ولا يعارضه فيه متجر ولا يسوم به مطلبًا ولا يخدم به رئيسًا إلا بأخرة2 وقد حط من أثقاله وألقى عصا ترحاله! ثم إني -ولا أقول إلا حقًا- لأعجب من نفسي في وقتي هذا كيف تطوع لي بمسئلة أم كيف تطمح بي إلى انتزاع علة! مع ما الحال عليه من علق الوقت وأشجانه وتذاؤبه3 وخلج4 أشطانه، ولولا معازة5 الخاطر واعتناقه6، ومساورة الفكر واكتداده7، لكنت عن هذا الشأن بمعزل وبأمر سواه على شغل.

وقال لي مرة رحمه الله بهذه الانتقالات: كما جاز إذا سميت بـ "ضرب " أن تخرجه من البناء إلى الإعراب كذلك يجوز أيضًا أن تخرجه من جنس إلى جنس إذا أنت نقلته من موضعه إلى غيره.

ومن طريف ما ألقاه -رضي الله تعالى عنه- علي أنه سألني يومًا عن قولهم هات لا هاتيت فقال "ما هاتيت "؟ فقلت: فاعلت فهات من هاتيت كعاط من عاطيت فقال: أشيء آخر فلم يحضر إذ ذاك فقال أنا أرى فيه غير هذا. فسألته عنه, فقال: يكون فعليت, قلت: ممه؟ قال: من الهوتة8،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015