الخصائص (صفحة 1245)

ومن ذلك أن يقال: من أين تجمع قول1 الله سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} 2 مع قول امرئ القيس:

على لا حب لا يهتدي بمناره ... إذا ساقه العود النباطي جرجرا3

والجواب أن معنى قوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} : لم يذل فيحتاج إلى ولى من الذل؛ كما أن هذا معناه: لا منار به فيهتدى به. ومثله قول الآخر:

لا تفزع الأرنب أهوالها ... ولا يرى الضب بها ينجحر4

وعليه قول الله تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} 5، أى لا يشفعون لهم فينتفعوا بذلك. يدل عليه قوله عز اسمه: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} 6 وإذا كان كذلك فلا شفاعة إلا للمرتضى7. فعلمت بذلك أن لو "شفع لهم لا ينتفعون"8 بذلك. ومنه قولهم: هذا أمر لا ينادى وليده أى لا وليد فيه فينادى.

فإن قيل: فإذا كان لا منار به ولا وليد فيه "ولا أرنب هناك"9 فما وجه إضافة هذه الأشياء إلى ما لا ملابسة بينها وبينه؟

قيل: لا10؛ بل هناك ملابسة لأجلها ما صحت الإضافة. وذلك أن العرف أن يكون في الأرض الواسعة منا يهتدى به، وأرنب تحلها. فإذا شاهد الإنسان هذا البساط11 من الأرض خاليا من المنار والأرنب12، ضرب بفكره إلى ما فقده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015