الخصائص (صفحة 1235)

وهذا الأصمعى -وهو صناجة1 الرواة والنقلة، وإليه محط2 الأعباء والثقلة، ومنه تجنى الفقر والملح، وهو ريحانة كل مغتبق ومصطبح- كانت مشيخة القراء وأماثلهم تحضره -وهو حدث- لأخذ قراءة نافع عنه. ومعلوم "كم3 قدر ما" حذف من اللغة، فلم يثبته؛ لأنه لم يقو عنده؛ إذ لم يسمعه. وقد ذكرنا في الباب الذي هذا4 يليه طرفا منه.

فأما إسفاف من لا علم له، وقول من لا مسكة به: إن الأصمعى كان يزيد في كلام العرب، ويفعل كذا، ويقول كذا، فكلام معفو عنه، غير معبوء به ولا منقوم من مثله، حتى كأنه لم يتأد إليه توقفه عن تفسير القرآن وحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحوبه من5 الكلام في الأنواء.

ويكفيك من ذا خشنة6 أبي زيد وأبي عبيدة. وهذا أبو حاتم بالأمس، وما كان عليه من الجد والانهماك، والعصمة والاستمساك.

وقال لنا أبو علي -رحمه الله- يكاد يعرف7 صدق أبى الحسن ضرورة. وذلك أنه كان مع الخليل في بلد واحد "فلم يحك عنه حرفا واحدا"8.

هذا إلى ما يعرف عن عقل الكسائي وعفته، وظلفه9، ونزاهته؛ حتى إن الرشيد كان يجلسه ومحمد بن الحسن على كرسيين بحضرته، ويأمرهما ألا ينزعجا10 لنهضته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015