الخصائص (صفحة 1192)

ولا يقال غراض". فلما كانت فعيل هي1 الباب المطرد وأريدت المبالغة، عدلت إلى فعال. فضارعت فعال بذلك فعالا. والمعنى الجامع بينهما2 خروج كل واحد منهما3 عن أصله أما فعال فبالزيادة وأما فعال فبالانحراف به عن فعيل.

وبعد فإذا كانت الألفاظ أدلة4 المعاني5، ثم زيد فيها شيء، أوجبت القسمة له6 زيادة7 المعنى به. وكذلك إن انحرف به عن سمته وهديته8 كان ذلك دليلًا على حادث متجدد له. وأكثر ذلك أن يكون ما حدث9 له زائدًا فيه، لا منتقصًا منه؛ ألا ترى أن كل واحد من مثالي التحقير والتكسير عارضان10 للواحد، إلا أن أقوى التغييرين هو ما عرض لمثال التكسير. وذلك أنه أمر عرض للإخراج11 عن الواحد والزيادة في العدة، فكان أقوى من التحقير؛ لأنه مبقٍّ للواحد على إفراده12. ولذلك لم يعتد13 التحقير سببًا مانعًا من الصرف، كما اعتد التكسير مانعًا منه ألا تراك تصرف دريهما ودنينيرا، ولا تصرف دراهم ولا دنانير؛ لما ذكرنا من هنا حمل سيبويه مثال التحقير على مثال التكسير، فقال تقول: سريحين، لقولك: سراحين، وضبيعين، لقولك: ضباعين: وتقول سكيران: لأنك لا تقول:

سكارين. هذا معنى قوله وإن لم يحضرنا14 الآن حقيقة15 لفظه. وسألت أبا علي عن رد سيبويه16 مثال التحقير إلى مثال التكسير فأجاب بما17 أثبتنا آنفًا. فاعرف ذلك إلى ما تقدمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015