وقرأ عاصم في رواية حفص: "أن تبويا"1 في الوقف، أي2 تبوءا. وقال:
تقاذفه الرواد حتى رموا به ... ورا طرق الشأم البلاد الأقاصيا
أراد: وراء طرق الشام فقصر الكلمة. فكان ينبغي إذ ذاك أن يقول: ورأ، بوزن قرأ؛ لأن الهمزة أصلية عندنا، إلا أنه أبدلها ضرورة "فقلبها ياء؛ وكذلك ما كان من3 هذا النحو فإنه إذا أبدل"4 صار5 إلى أحكام ذوات الياء؛ ألا ترى أن قريت مبدلة من قرأت، بوزن قريت من قريت الضيف ونحو ذلك. ومن البدل البتة النبي في مذهب سيبويه. وقد ذكرناه. وكذلك البرية عند غيره. ومنه الخابية، لم تسمع مهموزة. فإما أن يكون تخفيفا اجتمع عليه؛ كيرى وأخواته، وإما أن يكون بدلًا؛ قال6:
أري عيني ما لم ترأياه ... كلانا عالمٌ بالترهات
والنبوة عندنا مخففة لا مبدلة. وكذلك الحكم على ما جاء من هذا: أن يحكم عليه بالتخفيف إلى أن يقوم الدليل فيه7 على الإبدال. فاعرف ذلك مذهبا للعرب نهجا بإذن الله. وحدثنا أبو علي قال: لقي أبو زيد سيبويه فقال له: سمعت العرب تقول: قريت وتوضيت. فقال له8 سيبويه: كيف9 تقول في أفعل منه؟ قال: أقرأ. وزاد أبو العباس هنا: فقال له سيبويه: فقد تركت مذهبك، أي لو كان البدل قويًا للزم ووجب10 أن تقول: أقري؛ كرميت أرمي. وهذا بيان.