الخصائص (صفحة 1024)

باب في الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية:

اعلم أن كل واحد1 من هذه الدلائل معتد مراعىً مؤثر؛ إلا أنها في القوة والضعف على ثلاث مراتب:

فأقواهن الدلالة اللفظية ثم تليها الصناعية ثم تليها المعنوية. ولنذكر من ذلك ما يصح به الغرض.

فمنه جميع الأفعال. ففي كل واحد منها الأدلة الثلاثة. ألا ترى إلى قام و"دلالة لفظه على مصدره"2 ودلالة بنائه على زمانه، ودلالة معناه على فاعله. فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه. وإنما كانت الدلالة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل أنها وإن لم تكن لفظًا فإنها3 صورة يحملها اللفظ. ويخرج عليها ويستقر على المثال المعتزم بها. فلما كانت كذلك لحقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به فدخلا بذلك في باب المعلوم بالمشاهدة. وأما المعنى فإنما دلالته لاحقة بعلوم4 الاستدلال، وليست في حيز الضروريات5؛ ألا تراك حين تسمع ضرب قد عرفت حدثه وزمانه ثم تنظر فيما بعد فتقول: هذا فعل، ولا بد6 له من فاعل، فليت شعري من هو؟ وما هو؟ فتبحث حينئذ إلى أن تعلم الفاعل من7 هو وما حاله8، من موضع آخر لا من مسموع ضرب؛ ألا ترى أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015