هذا موضوع يتهاداه أهل هذه الصناعة بينهم، ولا يستنكره -على ما فيه- أحد منهم.
وذلك كقولهم1 في التمثيل من الفعل في حبنطى: فعنلى. فيظهرون النون ساكنة قبل اللام. وهذا شيء ليس موجودًا في شيء من كلامهم ألا ترى أن صاحب الكتاب قال2: ليس في الكلام مثل قنرٍ وعنل. وتقول في تمثيل عرند3: فعنل وهو كالأول. وكذلك مثال جحنفل: فعنلل ومثال عرنقصان4: فعنللان.
وهذا لا بد أن يكون هو ونحوه مظهرًا، ولا يجوز ادغام النون في اللام في هذه الأماكن؛ لأنه لو فعل ذلك لفسد الغرض. وبطل المراد المعتمد؛ ألا تراك لو ادغمت نحو هذا للزمك أن تقول في مثل عرندٍ: إنه فعل فكان إذًا لا فرق بينه وبين قمدًّ5، وعتل6، وصمل7،. وكذلك لو قلت في تمثيل جحنفل: إنه فعلل لالتبس8 ذلك بباب سفرجل وفرزدق، وباب عدبس وهملع وعملس. وكذلك لو ادغمت مثال9 حبنطى فقلت: فعلى10 لالتبس بباب صلخدى وجعلبى.
وذكرت ذرأ11 من هذا ليقوم وجه العذر فيه بإذن الله. وبهذا تعلم أن التمثيل للصناعة ليس ببناء معتمد ألا تراك لو قيل لك12: ابن من دخل مثل جحنفل لم يجز لأنك كنت تصير به إلى دخنلل فتظهر النون ساكنة قبل اللام وهذا غير موجود. فدل أنك في التمثيل لست ببانٍ. ولا جاعل ما تمثله من جملة كلام العرب كما تجعله منها إذا بنيته غير ممثل. ولو كانت عادة هذه الصناعة أن يمثل فيها من الدخول كما مثل من الفعل لجاز أن تقول: وزن جحنفل من دخنلل، كما قلت في التمثيل: وزن جحنفل من الفعل فعنلل، فاعرف ذلك فرقا بين الموضعين.