ومن ذلك قولهم: النالة لما حول الحرم. والتقاؤهما أن من كان فيه لم تنله اليد؛ قال الله -عز اسمه: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} 1. فهذا لسلب هذا المعنى لا لإثباته.
ومنه: المئلاة للخرقة في يد النائحة تشير بها. قال2 لي أبو علي: هي من ألوت، فقلت له: فهذا إذًا من "ما ألوت"؛ لأنها لا تألو أن تشير بها؛ فتبسم رحمه الله إلي3 إيماء؛ إلى ما نحن إليه وإثباتًا له واعترافًا به. وقد مر بنا من ذلك ألفاظ غير هذه.
وكان أبو علي -رحمه الله- يذهب في الساهر إلى هذا، ويقول: إن قولهم: سهر فلان أي نبا جنبه عن الساهرة "وهي وجه الأرض"4 قال الله عز وجل: {فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ} 5 فكأن6 الإنسان إذا سهر قلق جنبه عن مضجعه ولم يكد يلاقي الأرض فكأنه سلب الساهرة.
ومنه تصريف "ب ط ن" إنما هو لإثبات معنى البطن نحو بطن، وهو بطين ومبطان، ثم قالوا: رجل مبطن7 للخميص البطن8 فكأنه9 لسلب هذا المعنى؛ قال الهذلي 10:
مخطوف الحشا زرم
وهذا مثله سواءً.