ومنه حكاية الفراء عن أبي1 الجراح: بي إجل فأجلوني، أي داووني ليزول عني. والإجل: وجع في العنق.
ومن ذلك تصريف "أث م" أين هي وقعت لإثبات معنى الإثم؛ نحو أثم يأثم وآثم وأثيم وأثوم "والمأثم"2 وهذا كله لإثباته.
ثم إنهم قالوا: تأثم أي ترك الإثم. ومثله تحوب أي ترك الحوب.
فهذا كله كما3 تراه في الفعل وفي ذي الزيادة لما سنذكره.
وقد وجدته أيضًا في الأسماء غير الجارية على الفعل إلا أن فيها معاني الأفعال، كما أن مفتاحًا فيه معنى الفتح وخطافًا فيه معنى الاختطاف4، وسكينًا فيه معنى التسكين وإن لم يكن واحد من ذلك جاريًا على الفعل.
فمن تلك الأسماء قولهم: التودية لعودٍ5 يصر على خلف الناقة ليمنع6 اللبن. وهي7 تفعلة من ودى يدى، إذا سال وجرى، وإنما هي لإزالة الودى لا لإثباته. فآعرف ذلك.
ومثله8 قولهم السكاك للجو، هو لسلب معنى تصريف9 "س ك ك" ألا ترى أن ذلك للضيق أين وقع. منه أذن سكاء أي9 لاصقة، وظليم أسك: إذا ضاق ما بين منسميه، وبئر سك، أي ضيقة10 الجراب. ومنه11 قوله:
ومسك سابغةٍ هتكت فروجها
يريد ضيق حلق الدرع. وعليه بقية الباب. ثم قالوا للجو -ولا أوسع منه: السكاك؛ فكأنه سلب ما في غيره من الضيق.