الله على قدر حظِّه من مقام الإحسان، وبحسبه تتفاوت الصلاة، حتى [أنَّه] يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض: وقيامهما، وركوعهما، وسجودهما واحد.
المشهد الخامس: مشهد المِنَّةِ: وهو أن يشهد أن المنة لله سبحانه كونه أقامه في هذا المقام، وأهَّله له، ووفَّقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته، فلولا الله سبحانه لم يكن شيء من ذلك، كما كان الصحابة يَحْدون بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقولون:
والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تَصَدَّقْنا ولا صَلَّينا
قال الله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (?)، فالله سبحانه هو الذي جعل المسلم مسلماً، والمُصلِّي مصلِّياً كما قال الخليل - صلى الله عليه وسلم -: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} (?)، وقال: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} (?)، فالمنّة لله وحده في أن جعل عبده قائماً بطاعته، وكان هذا من أعظم نعمه عليه، قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (?)، وقال: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} (?).