هذا الدير بقرية بزوغى، وهي بين قرية يقال لها المزرقة، وأخرى يقال لها الصالحية، في الجانب الغربي من دجلة، وهي قرية عامرة، نزهة، كثيرة البساتين والفواكه والكروم، والحانات، يعمرها أهل الطرب والشرب والخلاعة.
ذكر الحسين بن الضحاك هذا الدير فقال:
أخويَّ حيَّ على الصبوحِ صباحاً ... هبّا، ولا تعدا الصباحَ رواحا
هذا الشّميطُ، كأنه متحيرٌ ... في الأفقِ سدَّ طريقهُ فألاحا
مهما أقامَ على الصبوحَ مساعدٌ ... وعلى الغبوق، فلن أريدَ براحا
عودا لعادتنا صبيحةَ أمسنا ... فالعودُ أحمدُ مغتدىً ومراحا
هل تعذرانِ بديرِ سرجسَ صاحياً ... بالصّحو، أو تريانِ ذاك جناحا؟
إني أعيذُ كما بعشرة حسّنا ... أن تشربا بقرى الفرات قراحا
عجّت قواقزنا، وقدس قسنا ... هزجاً، وردد ذا الدجاج صياحاً
للجاشرية فضلها متعجلا ... إن كنتما تريانِ ذاكَ صلاحا
يا ربَّ ملتمسِ الجنونِ بنومةٍ ... نبّهتهُ بالراحِ، حين أراحا
فكأنّ ريّا الكأسِ حينَ ندبتهُ ... للكأسِ، أنهضَ في قواهُ جناحا
فأجاب يعثرُ في فضولِ ثيابهِ ... عجلانَ يجمعُ والعثارَ مراحا
مازال يضحكُ بي، ويضحكني بهِ ... لا يستفيقُ دعابةً ومزاحا
وهتكتُ سترَ شبابهِ بتهنكٍ ... في شربِ سابيةٍ، وبحتُ وباحا
بعواتقٍ باشرتُ بينَ حدائقٍ ... ففضضتهنَّ، وقد حسنَّ صحاحا
أتبعتُ وخزةَ تلك وخزةَ هذه ... حتى شربتُ دماءهنَّ جراحا
أخرجتهنَّ من الخدورِ حواسراً ... وتركتُ صوتَ عفافهنَّ مباحا
في دير سابرَ، والصباحُ يلوحُ لي ... فجمعتُ بدراً والصباحَ وراحا
ففعلتُ ما فعلَ المشوق بليلة ... عادتْ لذاذتها عليَّ صباحا
فأذهب بزعمكَ، كيف شئتً فكلُّه ... مما اقترفتَ تكبُّراً وجماحا
117 ودير سابر: أيضاً من نواحي دمشق، نزلها عمر بن محمد، من ولد أبي سفيان سماه ابن أبي العجائز، وذكر أنه كان يسكن دير سابر، من إقليم (حرلان) ذكر ذلك في تاريخ دمشق.
118 دير سرجس وبكس: وهو ينسب إلى راهبين بنجران وفيهما يقول الشاعر:
أيا راهبي نجرانَ، ما فعلت هند؟ ... أقامتْ على عهدي؟ فإنّي لها عبدُ
إذا بعدَ المشتاق رثتْ حبالهُ ... وما كلُّ مشتاقٍ يغيرهُ البعدُ
قال الشابشتي: كان هذا الدير بطيز ناباذ، وهو بين الكوفة والقادسية، على حافة الطريق، بينه وبين القادسية ميل واحد، وكان محفوفاً بالأشجار والكروم والحانات والمعاصر وكان أحد البقاع المقصودة، والنزه الموصوفة.
وقد خربت (الآن، وبطلت، وعفت آثارها وتهدمت آبارها) ، ولم يبق من جميع رسومها إلا قباب خراب، على قارعة الطريق، تسميه الناس قباب أبي نواس.
وقد ذكر الحسين بن الضحاك دير سرجس في قوله:
هل تعزران بديرِ سرجسَ صاحيا ... بالصّحوْ؟ أو تريان ذاكَ جناحا
ذكرت البيت في دير سبق.
119 دير سعد: بين بلاد غطفان والشام عن الحازمي.
قال عقيل بن علفة المري فيه:
قضتْ وطراً من دير سعدٍ وطالما ... على عرض ناطحةُ بالجماجم
إذا هبطتْ أرضاً يموتُ غرابها ... بها عطشاً أعطينهمْ بالحزائمِ
ولهذا الشعر خبر، ذكرته في معجم البلدان، نقلته عن كتاب أبي الفرج.
120 دير سعران: بمصر. لا أعلم أين هو. قاله صاحب الديرة.
121 دير سعيد: هو دير حسن البناء، عظيم الفناء، وحوله القلالي، يعمرها رهبان كثيرون، وهو غربي الموصل قريب من دجلة، إلى جانب تل يسمى تل (بادع) ، تكسوه طرائف الزهر أيام الربيع، وعنده دارت موقعة معروفة بين مؤنس الخادم، وبين بني حمدان سنة عشرين وثلاثمائة، وفيها قتل داود بن حمدان. وينسب دير سعيد إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان الأموي، قال الخالدي: هذا محال، والصحيح أن ثلاثة رهبان نصارى اجتازوا بالموصل قبل الإسلام بأكثر من مائة سنة، وأسماؤهم: سعيد وقنسرين وميخائيل، فبنى كل واحد منهم ديراً له باسمه، وهي ثلاثة أديرة معروفة هناك متقاربة. قالت النصارى: لتراب دير سعيد خاصية في دفع أذى سم العقارب، فإذا ذررت ترابه في بيت قتلت عقاربه.